تقع
سوريا الحالية
الجمهورية العربية السورية على الجناح الغربي
للهلال الخصيب في موقع هام بين الشرق والغرب وبهذا فإن أرض سورية الحالية قد شهدت بعضا من أقدم واهم الحضارات على وجه المعمورة كما دلت على ذلك الاكتشافات
الأثرية الهائلة التي يعود بعضها إلى ما يزيد عن ثمانية آلاف عام قبل الميلاد. لا تكاد تخلو منطقة من مناطق سورية من المواقع الأثرية التي تعود إلى فترات زمنية مختلفة والتي يزيد عددها على 4500 موقع أثري هام
الحضارات السامية القديمة
حضارة إبلا وحضارة ماري'ايبلا' : - تقع آثار مدينة
إبلا على مسافة نحو 55 كم جنوب غرب
حلب في
تل مرديخ في
محافظة إدلب. يعتقد أن حضارة إبلا هي أقدم الحضارات
السامية المعروفة على الإطلاق حيث يظهر من الموقع أن المدينة كانت مأهولة منذ الألف الرابعة قبل الميلاد، ولكن إبلا لم تبلغ أوج ازدهارها إلا في منتصف الألف الثالثة قبل الميلاد.
اكتشفت آثار إبلا في عام 1975 بواسطة بعثة أثرية إيطالية من
جامعة روما برئاسة
Paolo Matthiae. وعثر في الموقع على أرشيف يحوي حوالي 15،000 لوحا مسماريا يقدر أنها تعود إلى 2250 قبل الميلاد ومكتوبة بخط مسماري مشتق من
الخط المسماري السومري ولكن اللغة هي لغة سامية غير معروفة سابقا تعرف الآن
بلغة إبلا، وهي من أقدم اللغات السامية المعروفة ومرتبطة بشكل وثيق بما أطلق عليه Gelb
الأكادية القديمة.
'
ماري' : - أما مدينة
ماري (
تل الحريري) والتي تقع على
نهر الفرات على مسافة 11 كم شمال شرق
البوكمال فهي مدينة
سومرية قديمة يعتقد أنها كانت مأهولة منذ الألف الخامسة قبل الميلاد. عثر في المدينة التي اكتشفت في ثلاثينات القرن العشرين بواسطة بعثة فرنسية على أكثر من 25،000 لوحا مسماريا مكتوبا بالأكادية القديمة حسب تقسيم Gelb ، والخط المستخدم في كتابة الأكادية القديمة -كما هو ذاك المستخدم في كتابة لغة إبلا- هو خط مشتق من الخط السومري ويتميز عن الخطوط الأكادية السرجونية والبابلية-الأشورية باعتماده الكبير جدا على اللوغوغرامات السومرية مما يجعل قراءته عسيرة للغاية.
حضارة أوغاريت
في العصر السوري الوسيط أي في الألف الثاني ق.م كان شمال
سوريا مسرحاً للميتانيين ثم الحثييّن ، وهم من أصول غير سامية، وكانوا في نزاع مع النفوذ المصري. حتى إذا جاء تحتموس الثالث استطاع التغلب في قادش تل النبي مندو قرب حمص على الحثييّن. وجرى تقاسم النفوذ في سوريا، فأصبح الشمال تحت النفوذ الميتاني , ولكن الحثييّن تمكنوا من التغلب على الميتانيين واحتلوا مكانهم.فتصدى لهم المصريون الذين شنوا معركة بقيادة رمسيس الثاني في قادش ضد الحثييّن بقيادة مواتاليش ولقد أبانت ألواح أوغاريت رأس الشمرة أن شعوب البحر المتوسط قد أتت نهائياً على نفوذ الحثييّن الذين تركوا في موقع عين دارة
اعزاز بالقرب من
حلب آثارهم الرائعة وتعود حضارة
أوغاريت إلى هذه الحقبة، وكانت زاهرة بفضل تجارتها الواسعة وأسطولها وبفضل الاحتكاك مع ثقافات أخرى، حثية ومصرية وايجية، ولقد اكتشفت هذه الحاضرة منذ عام 1929، كما تم اكتشاف مرفأ المينة البيضا بالقرب من
اللاذقية. وفي المدينة حي سكني وقصر ملكي، وإلى الغرب معبد بل، ومنطقة تجارية وصناعية تنتج المعادن الثمينة والمنسوجات. ويعد رأس ابن هاني امتداداً لها. ونستطيع أن نضيف مدينة إيمار مسكنة إلى قائمة الحواضر التي ازدهرت في العصر السوري الوسيط، وكانت إيمار مرفأ على الفرات استطاع أن يتوسط التجارة بين ماري والساحل السوري .
الممالك الآرامية
خلال الألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد ، قامت في
سوريا حضارات كثيرة :
الكنعانيون ،
الأموريين ،
الفينيقيون ،
الأراميون . حكم الكنعانيون معظم المناطق السورية أما الفينيقيين فقد استوطنوا على امتداد الساحل السوري مؤسسين امبراطورية بحرية في منطقة غرب سوريا وامتد ممالك الاراميون في معظم أنحاء البلاد السورية .
الغزو المقدوني
غزا
الإسكندر الأكبر المقدوني الإمبراطورية الفارسية الأخمينية في عام 334 قبل الميلاد، وبعد انتصاراته في
آسيا الصغرى وصل إلى شمال سورية في عام 333 قبل الميلاد واشتبك مع الفرس مجددا في
معركة إسوس الفاصلة والتي قاد الفرس فيها الإمبراطور
داريوس الثالث بنفسه وأسفرت عن هزيمة منكرة للفرس فر على إثرها داريوس تاركا زوجته وأمه وبناته سبايا لدى الإسكندر. وبعد هذا الانتصار سار الإسكندر في سورية حتى وصل إلى
صور في عام 332 قبل الميلاد وحاصرها حصارا شهيرا نكل على إثره بأهلها.
الحروب الديادوخية
توفي الإسكندر في
بابل عام 323 قبل الميلاد بدون أن يخلف وريثا، فتقاسم جنرالته الإمبراطورية التي خلفها، وكانت سورية من نصيب
لاومدون المتليني Laomedon of Mytilene،
وبابل من نصيب
سلوقس نيكاتور Seleucus Nicator، أما مصر وليبيا وجزيرة العرب فذهبت
لبطليموس.
ثم بدأ التنازع بين القادة اليونانيين على الأراضي، فاندلع ما يعرف
بالحروب الديادوخية (حروب الورثة) بين ورثة الاسكندر، فغزا بطليموس
فينيقيا وسورية الجوفاء Coele-Syria (وهو مصطلح يوناني كان يطلق على
سهل البقاع وفلسطين) عام 318 قبل الميلاد، بعدها غزا
أنتيغونوس الأعور Antigonus Monophthalmus سورية بأكملها في عام 313 قبل الميلاد قادما من الشمال، وكان قد غزا بابل في عام 315 مما سبب هروب سلوقس إلى بطليموس وتحالفه معه. عاد بطليموس مجددا واستولى على سورية الجوفاء بعد انتصاره على
ديميتريوس ابن أنتيغونوس في
معركة غزة عام 312 قبل الميلاد، ورغم أن هذا كان انتصارا مؤقتا عاد بعده أنتيغونوس واستولى على سورية الجوفاء إلا أنه سمح لسلوقس بالعودة إلى بابل والانتصار على أنتيغونوس في
الحرب البابلية.
واستمر النزاع بين بطليموس وأنتيغونوس على سورية الجوفاء إلى أن هزم أنتيغونيوس وقتل في
معركة إبسوس Ipsus بعد أن تحالف ضده ثلاثة من الديادوخات أحدهم سلوقس . وبعد هذه المعركة آلت سورية إلى سلوقس الذي سمح لبطليموس بالاحتفاظ بسورية الجوفاء عرفانا له بجميله عندما أخرج أنتيغونوس سلوقس من بابل.
تتمة ......فيما يلي