برور parwar
أهلا بك زائرنا الكريم
انت لست مسجلا لدينا كعضو
فقط قم بالتسجيل بالمنتدى و كن عضوا بيننا
واعط آرائك بكل حرية لكل الاعضاء و الزوار

اهلا بك بيننا
برور parwar
أهلا بك زائرنا الكريم
انت لست مسجلا لدينا كعضو
فقط قم بالتسجيل بالمنتدى و كن عضوا بيننا
واعط آرائك بكل حرية لكل الاعضاء و الزوار

اهلا بك بيننا
برور parwar
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
برور parwar

الكلمة الحرة هي العليا
 
الرئيسيةالرئيسية  تحميل ملفاتتحميل ملفات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
الحرية لكل شعوب العالم

نرحب بكل اعضائنا الاعزاء

في غرفة الدردشة

ننتظر مشاركتكم


 

 حكاية الف ليلة و ليلة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
دلو
عضو مستمر
عضو مستمر



ذكر الدلو الفأر
عدد الرسائل : 70
العمر : 40
تاريخ التسجيل : 12/09/2008

حكاية الف ليلة و ليلة Empty
مُساهمةموضوع: حكاية الف ليلة و ليلة   حكاية الف ليلة و ليلة Emptyالأربعاء فبراير 03, 2010 1:56 am



( حكاية الملك شهريار واخيه الملك شاه زمان)
( حكى) والله اعلم انه فيما مضى من قديم الزمان وسالف العصر والاوان ملك من ملوك ساسان بجزائر الهند والصين
صاحب جند واعوان ولدان احدهما كبير والاخر صغير. وكانا فارسين بطلين وكان الكبير افرس من الصغير وقد ملك البلاد
وحكم بالعدل بين العباد اسمه الملك شهريار. وكان اخوه الصغير شاه زمان . وكان ملك سمرقند العجم ولم يزل الامر
مستقيما في بلادهما وكل واحد منهما في مملكته حاكم عادل في رعيته مدة عشرين سنة، ولم يزالا على هذه الحالة
الى ان اشتاق الكيبر الى اخيه الصغير فامر وزيره ان يسافر اليه سافر حتى وصل ودخل على اخيه وبلغه السلام واعلمه
ان اخاه مشتاق اليه وقصده ان يزوره فاجابه بالسمع والطاعة وتجهز للسفر واقام وزيره حاكما على بلاده وخرج طالبا
اخيه فلما كان نصف الليل تذكر حاجة نسيها في قصره فرجع ودخل قصره فوجد زوجته راقدة في فراشه معانقة عبدا
اسود من العبيد فلما رأى هذا اسودت الدنيا في وجهه وقال في نفسه اذا كان هذا الامر قد وقع وانا ما فارقت المدينة
فكيف حال هذه العاهرة اذا غبت عند اخي مدة ثم انه سل سيفه وضرب الاثنين فقتلهما في الفراش ورجع من وقته
وساعته وامر بالرحيل وسار الى ان وصل الى مدينة اخيه ففرح اخوه بقدومه ثم خرج اليه ولاقاه وسلم عليه ففرح به
غاية الفرح وزين له المدينة وجلس معه يتحدث بانشراح فتذكر الملك شاه زمان ما كان من امر زوجته فحصل عنده غم زائد
واصفر لونه وضعف جسمه فلما رآه اخوه على هذه الحالة ظن في نفسه ان ذلك بسبب مفارقته بلاده وملكه، فترك
سبيله ولم يسأل عن ذلك ثم انه قال له في بعض الايام يا اخي ان في باطني جرحا. ولم يخبره بما رأى من زوجته، فقال
اني اريد ان تسافر معي الى الصيد والقنص لعل صدرك ينشرح فأبى ذلك. فسافر اخوه وحده الى الصيد وكان في
قصره شبابيك تطل على بستان اخيه فنظر واذا باب القصر قد فتح وخرج منه عشرون جارية وعشرون عبدا، وامرأة
اخيه تمشي بينهم وهي في غاية الحسن والجمال حتى وصلوا الى فسيقة وخلعوا ثيابهم وجلسوا مع بعضهم . واذا
بامرأة الملك قالت يا مسعود فجاءها عبد اسود فعانقها وعانقته وواقعها، وكذلك باقي العبيد فعلوا بالجواري، ولم
يزالوا كذلك حتى ولّى النهار فلما رأى ذلك أخو الملك قال والله ان بليتي اخف من هذه البلية وقد
هان ما عنده من القهر والغم وقال هذا اعظم مما جرى لي، ولم يزل في اكل وشرب، وبعد هذا ا جاء اخوه من السفر
فسلما على بعضهما، ونظر الملك شهريار الى اخيه الملك شاه زمان وقد رد لونه واحمر وجهه وصار يأكل بشهية بعدما
كان قليل الاكل، فتعجب من ذلك وقال يا اخي كنت اراك مصفر اللون والوجه والان قد رد اليك لونك فاخبرني بحالك
فقال له اما تغير لوني فاذكر ملك وعف عني عن اخبارك برد لوني، فقال له اخبرني اولا بتغير لونك وضعفك حتى
اسمعه فقال له يا اخي انك لما ارسلت وزيرك الي يطلبني للحضور بين يديك جهزت حالي وقد برزت من مدينتي ثم اني
تذكرت الخرزة التي اعطيتها لك في قصري فرجعت فوجدت زوجتي معها عبد اسود وهو نائم في فراشي فقتلتهما
وجئت اليك وانا متفكر في هذا الامر فهذا سبب تغير لوني وضعفي. واما رد لوني فاعف عني من ان اذكره لك فلما سمع
اخوه كلامه قال اقسمت عليك بالله ان تخبرني بسبب رد لونك فاعاد عليه جميع ما رأه فقال شهريار لاخيه شاه زمان
مرادي ان انظر بعيني فقال له اخوه شاه زمان اجعل انك مسافر للصيد والقنص واختف عندي وانت شاهد ذلك وتحققه
عيانا، فنادى الملك من ساعته بالسفر فخرجت العساكر والخيام الى ظاهرة المدينة وخرج الملك ثم انه جلس في الخيام
وقال لغلمائه لا يدخل علي احد ثم انه تنكر وخرج متخفيا الى القصر الذي فيه اخوه وجلس في الشباك المطل على
البستان ساعة من الزمان، واذا بالجواري وسيدتهم دخلوا مع العبيد وفعلوا كما قال له اخوه واستمروا كذلك الى العصر
فلما رأى الملك شهريار ذلك الامر طار عقله من رأسه وقال لاخيه شاه زمان قم بنا نسافر الى حال سبيلنا وليس لنا
حاجة بالملك حتى ننظر هل جرى لاحد مثلنا او لا، فيكون موتنا خير من حياتنا فاجابه لذلك ثم انهما خرجا من باب سري
في القصر ولم يزالا مسافرين اياما ولياليا الى ان وصلا الى شجرة في وسط مرج عندها عين ماء بجانب البحر المالح
فشربا من تلك العين وجلسا يستريحان فلما كان بعد ساعة مضت من النهار اذ هما بالبحر قد هاج وطلع منه عمود اسود
صاعد الى السماء وهو قاصد تلك المرجة، قال فلما رأيا ذلك خافا وطلعا الى اعلى الشجرة وكانت عالية وصار ينظران
ماذا يكون الخبر واذا بجني طويل القامة عريض الهامة واسع الصدر على رأسه صندوق فطلع الى البر وأتى نحو
الشجرة التي هما فوقها وجلس تحتها وفتح الصندوق واخرج منه علبة ثم فتحها فخرجت منها صبية غراء بهية كأنها
الشمس المضيئة كما قال الشاعر:
اشرقت في الدجى فلاح النهار واستنارت بنورها الاسحار
من سناها الشموس تشرق لما تتبدي وتنجلي الاقمار
تسجد الكائنات بين يديها حين تبدو وتهتك الاستار
واذا اومضت يروق حماها هطلت بالمدافع الامطار


قال فلما نظر اليها الجني قال يا سيدة الحرائر التي قد اختطفتك ليلة عرسك اريد ان انام قليلا ثم ان الجني وضع رأسه
على ركبتها ونام ، فرفعت رأسها الى اعلى الشجرة فرأت الملكين. فرفعت رأس الجني من فوق ركبتها ووضعتها على
الارض ووقفت تحت الشجرة ، وقالت لهما بالاشارة انزلا ولا تخافا من هذا العفريت ، فقالا لها بالله عليك ان تسامحينا من
هذا الامر فقالت لهما بالله عليكما ان تنزلا والا نبهت عليكما العفريت فيقتلكما، ونزلا اليها فقامت لهما وقالت ارصعا
رصعا عنيفا والا انبه عليكما العفريت فقالت لهما مالي اراكما تتغامزان ان لم تتقدما وتفعلا نبهت عليكما العفريت فمن
خوفهما من الجني فعلا ما امرتهما به فلما فرغا قالت لهما اقفا واخرجت لهما من جيبها كيسا واخرجت منه عقدا فيه

خمسمائة وسبعون خاتما فقالت لهما اتدريان ما هذه فقالا لها لا ندري فقالت لهما اصحاب هذه الخواتم كلهم كانوا
يفعلون بي على غفلة قرن هذا العفريت فأعطياني خاتميكما انتما الآخران فأعطياها من يديهما خاتمين فقالت لهما ان
هذا العفريت قد اختطفني ليلة عرسي ثم انه وضعني في علبة وجعل العلبة داخل الصندوق ورمى على الصندوق سبعة
اقفال وجعلني في قاع البحر العجاج المتلاطم بالامواج ويعلم ان المرأة منا اذا ارادت امرا لم يغلبها شيء.
تعجبا غاية ´العجب وقالا لبعضهما اذا كان هذا عفريتا وجرى له اعظم مما جرى لنا فهذا شيء يسلينا ثم انصرفا من
ساعتهما عنها ورجعا الى مدينة الملك شهريار ودخلا قصره ثم انه رمى عنق زوجته وكذلك اعناق الجواري والعبيد
وصار المك شهريار كلما ياخذ بنتا بكرا يزيل بكارتها ويقتلها من ليلتها ولم يزل على ذلك مدة ثلاث سنوات فضجت الناس
وهربت ببناتها ولم يبق في المدينة بنت تتحمل الوطء. ثم ان الملك امر الوزير بان يأتيه ببنت على جري عادته فخرج
الوزير وفتش فلم يجد بنتا فتوجه الى منزله وهو غضبان مقهور خائف على نفسه من الملك وكان الوزير له بنتان ذا حسن
وجمال وبهاء وقد واعتدال الكبيرة اسمها شهرزاد والصغيرة اسمها دنيازاد وكانت الكبيرة قد قرأت الكتب والتواريخ
وسير الملوك المتقدمين واخبار الامم الماضين قيل انها جمعت الف كتاب من كتب التواريخ المتعلقة بالامم السالفة
والشعراء فقالت لأبيها مالي أراك متغيرا ً حاملا ً الهم والأحزان وقد قال بعضهم في المعنى شعرا ً:
قل لمن يحمل هما ان حما لا يدوم
مثل ما يفنى السرور هكذا تفنى الهموم

فلما سمع الوزير من ابنته هذا الكلام حكى لها ما جرى له من الأول إلى الاخر مع الملك فقالت له بالله يا أبت زوجني هذا
الملك فإما أن اعيش وإما أن أكون فداءا ً لبنات المسلمين وسبباً لخلاصهن من بين يديه: وتزوجت الفتاة من الملك .




الليلة الاولى

قالت بلغني ايها الملك السعيد انه كان هناك تاجرا من التجار كثير المال والمعاملات في البلاد قد ركب يوما وخرج يطالب
في بعض البلاد فاشتد عليه الحر فجلس تحت شجرة وحط يده في خرجه واكل كسرة كانت معه وتمرة فلما فرغ من اكل
التمرة رمى النواة فاذا هو بعفريت طويل القامة وبيده سيف فدنا من ذلك التاجر وقال له قم حتى اقتلك مثل ما قتلت
ولدي فقال له التاجر كيف قتلت ولدك قال لما اكلت التمر ورميت نواتها جاءت النواة في صدر ولدي فقضي عليه لساعته
فقال التاجر للعفريت اعلم ايها العفريت انه علي دين ولي مال كثير واولاد وزوجة وعندي رهون فدعني اذهب الى بيتي
واعطي كل ذي حقه ثم اعود اليك فتفعل بي ما تريد فاستوثق منه الجني واطلقه فرجع الى بلاده وقضى جميع تعلقاته
واوصل الحقوق الى اهلها واعلم زوجته واولاده بما جرى له فبكوا وكذلك جميع اهله ونسائه واولاده واوصى وقعد
عندهم الى تمام السنة ثم توجه واخذ كفنه من تحت ابطه وودع اهله وجيرانه وجميع اهله.
كان ذلك اليوم اول السنة الجديدة. فبينما هو جالس يبكي واذا بشيخ كبير قد اقبل عليه ومعه غزالة فسلم على هذا
التاجر وحياه وقال له ما سبب جلوسك في هذا المكان وانت منفرد وهو مأوى الجن. فاخبره التاجر بما جرى له مع ذلك
العفريت فتعجب الشيخ وقال والله يا اخي ما دينك الا دين عظيم وحكايتك حكاية عجيبة ثم انه جلس بجانبه وقال والله يا
اخي لا ابرح من عندك حتى انظر ما يجري لك مع ذلك العفريت ثم انه جلس عنده يتحدث معه فغشي على ذلك التاجر
وحصل له الخوف والفزع والغم الشديد والفكر المزيد واذا بشيخ ثان قد اقبل عليهما ومعه كلبتان سلاقيتان من الكلاب
السود فسألهما بعد السلام عليهما عن سبب جلوسهما في هذا المكان وهو مأوى الجان فاخبروه بالقصة فلم يستقر بهم
الجلوس حتى اقبل عليهم شيخ ثالث ومعه بغلة فسلم عليهم وسألهم عن سبب جلوسهم في هذا المكان فاخبروه بالقصة
ويبنما هم كذلك اذا بغبرة هاجت وزوبعة عظيمة قد اقبلت من وسط تلك البرية فانكشف الغبار واذا بذلك الجني وبيده
سيف مسلول وعيونه ترمي الشرر فاتاهم وجلب ذلك التاجر من يبنهم وقال له قم اقتلك مثل ما قتلت ولدي وحشاشة
كبدي فانتحب ذلك التاجر وبكى واعلن الثلاثة شيوخ بالبكاء والعويل والنحيب فانتبه منهم الشيخ الاول وقبل يد
العفريت وقال له ناج ملوك الجان اذا حكيت لك جكايتي مع هذه الغزالة اتهب لي ثلث دم هذا التاجر؟ قال نعم. الشيخ
الاول اعلم ايها العفريت ان هذه الغزالة بنت عمي، كنت قد تزوجتها وهي صغيرة السن واقمت معها نحو ثلاثين سنة فلم
ارزق منها بولد فاخذت لي سرية فرزقت منها بولد ذكر كانه البدر فكبر شيئا فشيئا الى ان صار ابن خمس عشرة سنة
فطرأت لي سفرة بعض المداثن فسافرت بمتجرعظيم وكانت بنت عمي هذه الغزالة تعلمت السحر واكهانة من صغرها
فسحرت ذلك الولد عجلا وسحرت الجارية امه بقرة وسلمتها الى الراعي ثم جئت انا بعد مدة طويلة من السفر فسالت عن
ولدي وعن امه فقالت لي جاريتك ماتت وابنك هرب ولا اعلم اين ذهب فجلست مدة سنة وانا حزين الى ان جاء عيه
الضحية فارسلت الى الراعي ان يخصني ببقرة سمينة فجاءني ببقرة سمينة وهي سريتي التي سحرتها تلك الغزالة
فشمرت ثيابي واخذ ت السكين بيدي وتهيأت لذبحها . فصاحت وبكت بكاءا شد يدا فقمت عنها وامرت الراعي بذ بحها
فذ بحها وسلخها فلم يجد فيها شحما ولا لحما غير جلد وعظم فند مت على ذبحها واعطيتها للراعي وقلت له ائتني
بعجل سمين فأتاني بولدي المسحور عجلا فلما رأني ذلك العجل قطع حبله وبكى فاخذتني الرأفة عليه وقلت للراعي :
اثتني ببقرة ودع هذا . وادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح فقالت لها اختها ما أطيب حد يثك وألطفه وألذه
وأعذبه فقالت لها واين هذا مما ساحدثكم به الليلة المقبلة اذ عشت وابقاني الملك فقال الملك في نفسه والله ما اقتلها
حتى اسمع بقية حديثها ثم انهم باتوا تلك الليلة متعانقين , فخرج الملك الى محل حكمه وطلع الوزير بالكفن تحت ابطه
ولم يخبره الملك بشيء من ذلك فتعجب غاية التعجب ثم انفض الديوان ودخل الملك شهريار قصره.
يتبع




الليلة الثانية

قالت دنيازاد لاختها يا أختي أتممي لنا حديثك قالت حباً وكرامة إن أذن لي الملك في ذلك، فقال لها الملك: احكي،
فقالت: بلغني أيها الملك السعيد، أنه لما رأى بكاء العجل حن قلبه إليه وقال للراعي: ابق هذا العجل بين البهائم. كل
ذلك والجني يتعجب ثم قال صاحب الغزالة: كل ذلك جرى وابنة عمي تنظر وترى وتقول اذبح هذا العجل فإنه سمين، فلم
يهن علي أن أذبحه وأمرت الراعي أن يأخذه فاخذه وتوجه به وفي ثاني يوم وأنا جالس وإذا بالراعي قد أقبل علي
وقال: يا سيدي إني سأقول شيئاً تسر به ولي البشارة. فقلت: نعم فقال: أيها التاجر إن لي بنتاً كانت تعلمت السحر
في صغرها فلما كنا بالأمس وأعطيتني العجل دخلت به عليها فنظرت إليه ابنتي وغطت وجهها وبكت ثم إنها ضحكت
وقالت: يا أبي قد خس قدري عندك حتى تدخل علي الرجال الأجانب. فقلت لها: وأين الرجال الأجانب ولماذا بكيت
وضحكت؟ فقالت لي أن هذا العجل الذي معك ابن سيدي التاجر ولكنه مسحور وسحرته زوجة أبيه هو وأمه فهذا سبب
ضحكي وأما سبب بكائي فمن أجل أمه حيث ذبحها أبوه وما صدقت بطلوع الصباح حتى جئت إليك لأعلمك . فلما سمعت
أيها الجني كلام هذا الراعي خرجت معه وأنا سكران من غير مدام من كثرة الفرح والسرور الذي حصل لي إلى أن أتيت
إلى داره فرحبت بي ابنة الراعي وقبلت يدي ثم إن العجل جاء إلي وتمرغ علي فقلت لابنة الراعي: أحقا ما تقولينه عن
ذلك العجل؟ فقالت: نعم يا سيدي إنه ابنك وحشاشة كبدك فقلت لها: أيها الصبية إن أنت خلصتيه فلك عندي ما تحت يد
أبيك من المواشي والأموال فتبسمت وقالت: يا سيدي ليس لي رغبة في المال إلا بشرطين: الأول: أن تزوجني به
والثاني: أن أسحر من سحرته وأحبسها وإلا فلست آمن مكرها فلما سمعت أيها الجني كلام بنت الراعي قلت: ولك فوق
جميع ما تحت يد أبيك من الأموال زيادة وأما بنت عمي فدمها مباح.
فلما سمعت كلامي أخذت طاسة ملأتها ماء ثم أنها عزمت عليها ورشت بها العجل وقالت: له إن كان الله خلقك عجلاً فدم
على هذه الصفة ولا تتغير وإن كنت مسحوراً فعد إلى خلقتك الأولى بإذن الله تعالى وإذا به انتفض ثم صار إنساناً
فوقعت عليه وقلت له: بالله عليك احكي لي جميع ما صنعت بك وبأمك بنت عمي فحكى لي جميع ما جرى لهما فقلت: يا
ولدي قد قيض الله لك من خلصك وخلص حقك ثم إني أيها الجني زوجته ابنة الراعي ثم أنها سحرت ابنة عمي هذه
الغزالة وجئت إلى هنا فرأيت هؤلاء الجماعة فسألتهم عن حالهم فأخبروني بما جرى لهذا التاجر فجلست لأنظر ما يكون
وهذا حديثي فقال الجني: هذا حديث عجيب وقد وهبت لك ثلث دمه فعند ذلك تقدم الشيخ صاحب الكلبتين السلاقيتين
وقال له: اعلم يا سيد ملوك الجان أن هاتين الكلبتين أخوتي وأنا ثالثهم ومات والدي وخلف لنا ثلاثة آلاف دينار ففتحت
انا دكاناً أبيع فيه وأشتري وسافر أخي بتجارته وغاب عنا مدة سنة ثم أتى وما معه شيء فقلت: يا أخي أما أشرت
عليك بعدم السفر؟ فبكى وقال: يا أخي قدر الله عز وجل علي بهذا ولم يبق لهذا الكلام فائدة ولست أملك شيئاً فأخذته
وطلعت به إلى الدكان ثم ذهبت به إلى الحمام وألبسته حلة من الملابس الفاخرة وقلت له: يا أخي إني أحسب ربح دكاني
من السنة إلى السنة ثم أقسمه دون رأس المال بيني وبينك ثم إني عملت حساب الدكان من ربح مالي فوجدته ألفي
دينار فحمدت الله عز وجل وفرحت غاية الفرح وقسمت الربح بيني وبينه وأقمنا مع بعضنا أياماً ثم إن أخوتي طلبوا
السفر أيضاً وأرادوا أن أسافر معهم فلم أرض وقلت لهم: أي شيء كسبتم من سفركم حتى أكسب أنا؟ فألحوا علي
ولم أطعهم بل أقمنا في دكاكيننا نبيع ونشتري سنة كاملة وهم يعرضون علي السفر وأنا لم أرض حتى مضت ستة
سنوات.ثم وافقتهم على السفر وقلت لهم: يا أخوتي إننا نحسب ما عندنا من المال فحسبناه فإذا هو ستة آلاف دينار
فقلت: ندفن نصفها تحت الأرض لينفعا إذا أصابنا أمر ويأخذ كل واحد منا ألف دينار ونتسبب فيها قالوا: نعم الرأي
فأخذت المال وقسمته نصفين ودفنت ثلاثة آلاف دينار. وأما الثلاثة آلاف دينار الأخرى فأعطيت كل واحد منهم ألف دينار
وجهزنا بضائع واكترينا مركباً ونقلنا فيها حوائجنا وسافرنا مدة شهر كامل إلى أن دخلنا مدينة وبعنا بضائعنا فربحنا
في الدينار عشرة دنانير ثم أردنا السفر فوجدنا على شاطئ البحر جارية فقبلت يدي وقالت: يا سيدي هل عندك إحسان
ومعروف أجازيك عليهما؟ قلت: نعم فقالت: يا سيدي تزوجني وخذني إلى بلادك فإني قد وهبتك نفسي فافعل معي
معروفاً لأني ممن يصنع معه المعروف والإحسان، ويجازي عليهما ولا يغرنك حالي. فلما سمعت كلامها حن قلبي إليها
لأمر يريده الله عز وجل، فأخذتها وكسوتها وفرشت لها في المركب فرشاً حسناً وأقبلت عليها وأكرمتها ثم سافرنا
وقد أحبها قلبي محبة عظيمة وصرت لا أفارقها ليلاً ولا نهاراً و اشتغلت بها عن إخوتي، فغاروا مني وحسدوني على
مالي وكثرت بضاعتي وطمحت عيونهم في المال جميعه، وتحدثوا بقتلي وأخذ مالي وزين لهم الشيطان أعمالهم
فجاؤوني وأنا نائم بجانب زوجتي ورموني في البحر فلما استيقظت زوجتي انتفضت فصارت عفريتة وحملتني
وأطلعتني على جزيرة وغابت عني قليلاً وعادت إلي عند الصباح، وقالت لي: أنا زوجتك التي حملتك ونجيتك من القتل
بإذن الله تعالى، واعلم أني جنية رأيتك فاحبك قلبي وأنا مؤمنة بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم فجئتك بالحال الذي
رأيتني فيه فتزوجت بي وها أنا قد نجيتك من الغرق، وقد غضبت على إخوتك ولا بد أن أقتلهم. فلما سمعت حكايتها
تعجبت وشكرتها على فعلها وقلت لها أما هلاك إخوتي فلا ينبغي ثم حكيت لها ما جرى لي معهم.
فلما سمعت كلامي قالت: أنا في هذه الليلة أطير إليهم وأغرق مراكبهم وأهلكهم، فقلت لها: بالله لا تفعلي فإن صاحب
المثل يقول: يا محسناً لمن أساء كفي المسيء فعله وهم إخوتي على كل حال، قالت لا بد من قتلهم، فاستعطفتها ثم
أنها حملتني وطارت، فوضعتني على سطح داري ففتحت الأبواب وأخرجت الذي خبأته تحت الأرض وفتحت دكاني بعد
ما سلمت على الناس واشتريت بضائع، فلما كان الليل، دخلت داري فوجدت هاتين الكلبتين مربوطتين فيها، فلما رأياني
قاما إلي وبكيا وتعلقا بي، فلم أشعر إلا وزوجتي قالت هؤلاء إخوتك فقلت من فعل بهم هذا الفعل قالت أنا أرسلت
إلى أختي ففعلت بهم ذلك وما يتخلصون إلا بعد عشر سنوات، فجئت وأنا سائر إليها تخلصهم بعد إقامتهم عشر
سنوات، في هذا الحال، فرأيت هذا الفتى فأخبرني بما جرى له فأردت أن لا أبرح حتى أنظر ما يجري بينك وبينه وهذه قصتي.
قال الجني: إنها حكاية عجيبة وقد وهبت لك ثلث دمه في جنايته فعند ذلك تقدم الشيخ الثالث صاحب البغلة، وقال
للجني أنا أحكي لك حكاية أعجب من حكاية الاثنين، وتهب لي باقي دمه وجنايته، فقال الجني نعم فقال الشيخ أيها
السلطان ورئيس الجان إن هذه البغلة كانت زوجتي سافرت وغبت عنها سنة كاملة، ثم قضيت سفري وجئت إليها في
الليل فرأيت عبد أسود راقدا معها في الفراش وهما في كلام وغنج وضحك وتقبيل وهراش فلما رأتني عجلت وقامت
إلي بكوز فيه ماء فتكلمت عليه رشتني، وقالت اخرج من هذه الصورة إلى صورة كلب فصرت في الحال كلباً فطردتني
من البيت فخرجت من الباب ولم أزل سائراً، حتى وصلت دكان جزار فتقدمت وصرت آكل من العظام.
فلما رآني صاحب الدكان أخذني ودخل بي بيته فلما رأتني بنت الجزار غطت وجهها مني وقالت أتجيء لنا برجل
وتدخل علينا به فقال أبوها أين الرجل قالت إن هذا الكلب سحرته امرأة وأنا أقدر على تخليصه فلما سمع أبوها كلامها
قال: عليك يا ابنتي خلصيه فأخذت كوزاً فيه ماء وتكلمت عليه ورشت علي منه قليلاً وقالت: اخرج من هذه الصورة إلى
صورتك الأولى، فصرت إلى صورتي الأولى فقبلت يدها وقلت لها: أريد أن تسحري زوجتي كما سحرتني فأعطتني
قليلاً من الماء، وقالت إذا رأيتها نائمة فرش هذا الماء عليها تصير كما أنت طالب فوجدتها نائمة فرششت عليها الماء،
وقلت اخرجي من هذه الصورة إلى صورة بغلة فصارت في الحال بغلة وهي هذه التي تنظرها بعينك أيها السلطان
ورئيس ملوك الجان، فلما فرغ من حديثه اهتز الجني من الطرب ووهب له باقي دمه وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
فقالت لها أختها: يا ما أحلى حديثك وأطيبه وألذه وأعذبه فقالت:وأين هذا مما سأحدثكم به الليلة المقبلة إن عشت
وأبقاني الملك فقال الملك: والله لا أقتلها حتى أسمع بقية حديثها لأنه عجيب ثم باتوا تلك الليلة متعانقين إلى الصباح .
يتبع




الليلة الثالثة

قالت لها دنيازاد أتمي حديثك فقالت حباً وكرامة بلغني أيها الملك السعيد أن التاجر أقبل على الشيوخ وشكرهم وهناؤه بالسلامة ورجع كل واحد إلى بلده وما هذا بأعجب من حكاية الصياد فقال لها الملك: وما حكاية الصياد؟
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أنه كان هناك رجل وكان طاعناً في السن وله زوجة وثلاثة أولاد وهو فقير الحال وكان من عادته أنه يرمي شبكته كل يوم أربع مرات لا غير ثم أنه خرج يوماً من الأيام في وقت الظهر إلى شاطئ البحر وحط مقطفه وطرح شبكته وصبر إلى أن استقرت في الماء ثم جمع خيطانها فوجدها ثقيلة فجذبها فلم يقدر على ذلك فذهب بالطرف إلى البر ودق وتداً وربطها فيه ثم تعرى وغطس في الماء حول الشبكة وما زال يعالج حتى أطلعها ولبس ثيابه وأتى إلى الشبكة فوجد فيها حماراً ميتاً فلما رأى ذلك حزن وقال لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم قال أن هذا الرزق عجيب وأنشد يقول:
يا خائضاً في ظلام الليل والهـلـكة أقصر عناك فليس الرزق بالحركة
ثم أن الصياد لما رأى الحمار الميت خلصه من الشبكة وعصرها، فلما فرغ من عصرها نشرها وبعد ذلك نزل البحر، وقال بسم الله وطرحها فيه وصبر عليها حتى استقرت ثم جذبها فثقلت ورسخت أكثر من الأول فظن أنه سمك فربط الشبكة وتعرى ونزل وغطس، ثم عالجها إلى أن خلصها وأطلعها إلى البر فوجد فيها زيراً كبيراً، وهو ملآن برمل وطين فلما رأى ذلك تأسف ثم إنه رمى الزير وعصر شبكته ونظفها واستغفر الله وعاد إلى البحر ثالث مرة ورمى الشبكة وصبر عليها حتى أستقرت وجذبها فوجد فيها شقافة وقوارير فأنشد قول الشاعر:
هو الرزق لا حل لديك ولا ربط ولا قلم يجدي عليك ولا خـط
ثم أنه رفع رأسه إلى السماء وقال اللهم أنك تعلم أني لم أرم شبكتي غير أربع مرات وقد رميت ثلاثا، ثم أنه سمى الله ورمى الشبكة في البحر وصبر إلى أن أستقرت وجذبها فلم يطق جذبها وإذا بها أشتبكت في الأرض فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله فتعرى وغطس عليها وصار يعالج فيها إلى أن طلعت الى البر وفتحها فوجد فيها قمقما من نحاس أصفر ملآن وفمه مختوم برصاص عليه طبع خاتم سيدنا سليمان.
رآه الصياد فرح وقال هذا أبيعه في سوق النحاس فإنه يساوي عشرة دنانير ذهبا ثم أنه حركه فوجده ثقيلاً فقال: لا بد أني أفتحه وأنظر ما فيه وأدخره في الخرج ثم أبيعه في سوق النخاس ثم أنه أخرج سكينا، وعالج الرصاص إلى أن فكه من القمقم وحطه على الارض وخرج من ذلك القمقم دخان صعد إلى عنان السماء ومشى على وجه الأرض فتعجب غاية العجب وبعد ذلك تكامل الدخان، واجتمع ثم انتفض فصار عفريتاً رأسه في السحاب ورجلاه في التراب ارتعدت فرائصه وتشبكت أسنانه، ونشف ريقه وعمي عن طريقه فلما رآه العفريت قال لا إله إلا الله سليمان نبي الله، فقال العفريت: يا نبي الله لا تقتلني فإني لا عدت أخالف لك قولاً ولا أعصي لك أمراً، فقال له الصياد: أيها المارد أتقول سليمان نبي الله، وسليمان مات من مدة ألف وثمانمائة سنة، ونحن في آخر الزمان فما قصتك، وما حديثك وما سبب دخولك إلى هذا القمقم.
فلما سمع المارد كلام الصياد قال: لا إله إلا الله أبشر يا صياد، فقال الصياد: بماذا تبشرني فقال بقتلك في هذه الساعة أشر القتلات وأي شيء يوجب قتلي وقد خلصتك من القمقم ونجيتك من قرار البحر، وأطلعتك إلى البر فقال العفريت: تمن علي أي موتة تموتها، وأي قتلة تقتلها قال الصياد ما ذنبي حتى يكون هذا جزائي منك.
قال العفريت اسمع حكايتي يا صياد، قال الصياد: قل وأوجز في الكلام فإن روحي وصلت إلى قدمي. قال اعلم أني من الجن المارقين، وقد عصيت سليمان بن داود وأنا صخر الجني فأرسل الى وزيره آصف بن برخيا وقادني إليه وأنا ذليل على رغم أنفي وأوقفني بين يديه فلما رآني سليمان استعاذ مني وعرض علي الإيمان والدخول تحت طاعته فأبيت فطلب هذا القمقم وحبسني فيه وختم علي بالرصاص وطبعه بالاسم الأعظم، وأمر الجن فاحتملوني وألقوني في وسط البحر فأقمت مائة عام وقلت في قلبي كل من خلصني أغنيته إلى الأبد فمرت المائة عام ولم يخلصني أحد، ودخلت مائة أخرى فقلت من خلصني فتحت له كنوز الأرض، فلم يخلصني أحد فمرت علي أربعمائة عام أخرى فقلت كل من خلصني أقضي له ثلاث حاجات فلم يخلصني أحد فغضبت غضباً شديداً وقلت في نفسي كل من خلصني في هذه الساعة قتلته ومنيته كيف يموت وها أنك قد خلصتني ومنيتك كيف تموت فلما سمع الصياد كلام العفريت قال يا لله العجب انا ما جئت اخلصك الا في هذه الايام قال الصياد للعفريت اعف عن قتلي يعفو الله عنك ولا تهلكني يسلط الله عليك من يهلكك فقال لا بد من قتلك فلما تحقق الصياد منه راجع العفريت وقال اعف عني اكراما لما اعتقتك فقال العفريت وانا ما اقتلك الا لاجل ما خلصتني فقال له الصياد يا شيخ العفاريت اصنع مليحا فتقابلني بالقبيح ولكن لم يكذب المثل حيث قال : .
فعلنا جميلاً قابـلـونـا بـضـده وهذا لعمري من فعال الفواجـر
ومن يفعل المعروف مع غير أهله يجازى كما جوزي مجير أم عامر

فلما سمع كلامه قال لا تطمع فلا بد من موتك، فقال الصياد هذا جني، وأنا إنسي وقد أعطاني الله عقلاً كاملاً وها أنا أدبر أمراً في هلاكه، بحيلتي وعقلي وهو يدبر بمكره وخبثه، ثم قال للعفريت: هل صممت على قتلي قال نعم، فقال له بالاسم الأعظم المنقوش على خاتم سليمان أسألك عن شيء وتصدقني فيه، قال نعم، ثم إن العفريت لما سمع ذكر الاسم الأعظم اضطرب واهتز وقال: اسأل وأوجز، فقال له: كيف كنت في هذا القمقم، والقمقم لا يسع يدك ولا رجلك فكيف يسعك كلك، فقال له العفريت: وهل أنت لا تصدق أنني كنت فيه فقال الصياد لا أصدق حتى أنظر بعيني،

.


وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح
يتبع





الليلة الرابعة


قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن العفريت انتفض وصار دخاناً صاعداً إلى الجو، ثم اجتمع ودخل في القمقم قليلاً قليلا، وإذا بالصياد قد أسرع وأخذ سدادة الرصاص المختومة وسد بها فم القمقم ونادى العفريت، وقال له: تمن علي أي موتة تموتها لأرمينك في هذا البحر وأبني لي هنا بيتاً وكل من أتى هنا أمنعه أن يصطاد وأقول له هنا عفريت وكل من أطلعه يبين له أنواع الموت ويخيره بينها.
فلما سمع العفريت كلام الصياد أراد الخروج فلم يقدر ورأى نفسه محبوساً ورأى عليه طبع خاتم سليمان وعلم أن الصياد ذهب بالقمقم إلى جهة البحر، فلطف المارد كلامه وخضع وقال ما تريد أن تصنع بي يا صياد، قال: ألقيك في البحر إن كنت أقمت فيه ألفاً وثمانمائة عام فأنا أجعلك تمكث إلى أن تقوم الساعة، أما قلت لك أبقيني يبقيك الله ولا تقتلني يقتلك الله فأبيت فقال العفريت افتح لي حتى أحسن إليك فقال له الصياد تكذب يا ملعون، أنا مثلي ومثلك مثل وزير يونان والحكيم روبان.
قال الصياد: اعلم أيها العفريت، أنه كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان في مدينة الفرس وأرض رومان ملك يقال له الملك يونان ذا مال وجنود وبأس وأعوان من سائر الأجناس، وكان في جسده برص قد عجزت فيه الأطباء والحكماء ولم ينفعه من شرب أدوية ولم يقدر أحد من الأطباء أن يداويه.
وكان قد دخل مدينة الملك يونان حكيم كبير طاعن في السن يقال له الحكيم روبان وكان عارفاً بالكتب اليونانية والفارسية والرومية والعربية والسريانية وعلم الطب والنجوم وعالماً بأصول حكمتها وقواعد أمورها من منفعتها ومضرتها. عالماً بخواص النباتات والحشائش والأعشاب المضرة والنافع وعرف علم الفلاسفة وحاز جميع العلوم الطبية وغيرها، ثم إن الحكيم لما دخل المدينة وأقام بها أيام سمع خبر الملك وما جرى له في بدنه من البرص الذي ابتلاه الله به وقد عجزت عن مداواته الأطباء وأهل العلوم.
فلما بلغ ذلك الحكيم بات مشغولاً، فلما أصبح الصباح لبس ودخل على الملك يونان وأعلمه بنفسه فقال: أيها الملك: بلغني ما اعتراك من هذا الذي في جسدك وأن كثيراً من الأطباء لم يعرفوا الحيلة في زواله وها أنا أداويك أيها الملك ولا أسقيك دواء ولا أدهنك بدهن.
فلما سمع الملك يونان كلامه تعجب وقال له: كيف تفعل، فو الله لو ابرأتني أغنيك لولد الولد وأنعم عليك،وكل ما تتمناه فهو لك وتكون نديمي وحبيبي. ثم أنه خلع عليه وأحسن إليه وقال له أتبرئني من هذا المرض بلا دواء ولا دهان؟ قال نعم أبرئك بلا مشقة في جسدك. فتعجب الملك ثم قال له: أيها الحكيم الذي ذكرته لي يكون في أي الأوقات وفي أي الأيام، فأسرع به يا ايها الحكيم ؛ قال له سمعاً وطاعة، ثم نزل من عند الملك واكترى له بيتاً حط فيه كتبه وأدويته وعقاقيره ثم استخرج الأدوية والعقاقير وجعل منها صولجاناً وجوفه وعمل له قصبة وصنع له كرة بمعرفته.
فلما صنع الجميع وفرغ منها طلع إلى الملك في اليوم الثاني ودخل عليه وأمره أن يركب إلى الميدان وأن يلعب بالكرة والصولجان وكان معه الأمراء والحجاب والوزراء وأرباب الدولة، فما استقر به الجلوس في الميدان حتى دخل عليه الحكيم روبان وناوله الصولجان وقال له: خذ هذا الصولجان واقبض عليه مثل هذه القبضة وامش في الميدان واضرب به الكرة بقوتك حتى يعرق كفك وجسدك فينفذ الدواء من كفك فيسري في سائر جسدك فإذا عرقت واسرى الدواء فيك فارجع إلى قصرك وادخل الحمام واغتسل فقد برئت.
فعند ذلك أخذ الملك يونان ذلك الصولجان من الحكيم ومسكه بيده وركب الجواد وركب الكرة بين يديه وساق خلفها حتى لحقها وضربها بقوة وهو قابض بكفه على قصبة الصولجان، وما زال يضرب به الكرة حتى عرق كفه وسائر بدنه وسرى فيه الدواء من القبضة.
وعرف الحكيم روبان أن الدواء سرى في جسده فأمره بالرجوع إلى قصره وأن يدخل الحمام من ساعته، فرجع الملك يونان من وقته وأمر أن يخلو له الحمام فأخلوه له، وتسارع الفراشون وتسابق المماليك وأعدوا للملك قماشا ودخل الحمام واغتسل غسيلاً جيداً ولبس ثيابه داخل الحمام ثم خرج منه وركب إلى قصره ونام فيه.

هذا ما كان من أمر الملك يونان، وأما ما كان من أمر الحكيم روبان فإنه رجع إلى داره ، فلما أصبح الصباح طلع إلى الملك واستأذن عليه وأشار إلى الملك بهذه الأبيات:
ذهت الفصاحة إذا دعيت لها أبـاً وإذا دعت يوماً سواك لهـا أبـى
يا صاحب الوجـه الـذي أنـواره تمحو من الخطب الكوية غياهبا
ما زال وجهك مشرقاً متـهـلـلاً فلا ترى وجه الزمان مقطـبـا
أوليتني من فضلك المتن الـتـي فعلت بنا فعل السحاب مع الربـا
وصرفت جل المال في طلب العلا حتى بلغت من الزمان مـآربـا

فلما فرغ من شعره نهض الملك وعانقه وأجلسه بجانبه وخلع عليه الخلع السنية.
ولما خرج الملك من الحمام نظر إلى جسده فلم يجد فيه شيئاً من البرص وصار جسده نقياً مثل الفضة البيضاء ففرح بذلك غاية الفرح واتسع صدره وانشرح، فلما أصبح الصباح دخل الديوان وجلس على سرير ملكه ودخل عليه الحجاب وأكابر الدولة ودخل عليه الحكيم روبان، فلما رآه قام إليه مسرعاً وأجلسه بجانبه وإذا بموائد الطعام قد مدت فأكل صحبته وما زال عنده ينادمه طول نهاره.
فلما أقبل الليل أعطى الحكيم ألفي دينار غير الخلع والهدايا وأركبه جواده وانصرف إلى داره والملك يونان يتعجب من صنعه ويقول: هذا داواني من ظاهر جسدي ولم يدهني بدهان، فو الله ما هذه إلا حكمة بالغة، فيجب علي لهذا الرجل الإنعام والإكرام وأن أتخذه جليساً وأنيساً مدى الزمان. وبات الملك يونان مسروراً فرحاً بصحة جسمه وخلاصه من مرضه.
فلما أصبح الملك وجلس على كرسيه ووقف أرباب دولته بين يديه وجلس الأمراء والوزراء على يمينه ويساره ثم طلب الحكيم روبان فدخل عليه فقام له الملك وأجلسه بجانبه وخلع عليه وأعطاه، ولم يزل يتحدث معه إلى أن أقبل الليل فرسم له بخمس خلع وألف دينار، ثم انصرف الحكيم إلى داره وهو شاكر للملك.
فلما أصبح الصباح خرج الملك إلى الديوان وقد أحدق به الأمراء والوزراء والحجاب، وكان له وزير من وزرائه بشع المنظر نحس الطالع لئيم بخيل حسود مجبول على الحسد والمقت. فلما رأى ذلك الوزير أن الملك قرب الحكيم روبان وأعطاه هذا الأنعام حسده عليه وأضمر له الشر .
ثم أن الوزير تقدم إلى الملك يونان وقال له: أنت الذي شمل الناس إحسانك ولك عندي نصيحة عظيمة فإن أخفيتها عنك أكون ولد زنا، فإن أمرتني أن أبديها أبديتها لك.
فقال الملك: وما نصيحتك؟ فقال: أيها الملك فما الدهر له بصاحب، وقد رأيتك على غير صواب حيث أنعم على عدوه وعلى من يطلب زوال ملكه وقد أحسن إليه وأكرمه غاية الإكرام وقربه غاية القرب، وأنا أخشى على الملك من ذلك.
فانزعج الملك وتغير لونه وقال له: من الذي تزعم أنه عدوي وأحسنت إليه؟ فقال له: إن كنت نائماً فاستيقظ فأنا أشير إلى الحكيم روبان. فقال له الملك: إن هذا صديقي وهو أعز الناس عندي لأنه داواني بشيء قبضته بين يدي وأبرات من مرضي الذي عجزت فيه الأطباء وهو لا يوجد مثله في هذا الزمان وأنت تقول عليه هذا المقال. وما أظن أنك تقول ذلك إلا حسداً كما بلغني عن الملك السندباد.ثم قال الملك يونان ذكر والله أعلم.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حكاية الف ليلة و ليلة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
برور parwar :: منتدى عام :: الثقافة :: القصة القصيرة و الرواية-
انتقل الى: