شبكة النبأ: أظهر استطلاع للرأي اجراه التلفزيون السويسري (تي اس ار) عند خروج المشاركين في الاستفتاء الذي نُظِّم من مكاتب الاقتراع ان السويسريين أبدوا تأييدهم لحظر بناء المآذن.
وفي غضون ذلك حذّرت تجمعات الأعمال السويسرية من احتمال تعرُّض مصالح البلاد الاقتصادية للخطر وخسارة مليارات الدولارات، بعد ان أسفرت نتائج استفتاء حول بناء المآذن عن فوز التيار الداعي لحظرها.
ويبلغ عدد المسلمين في سويسرا حوالي أربعمائة ألف، حوالي خمسين بالمائة منهم من دول البلقان، عشرون بالمائة من تركيا، خمسة عشر بالمائة من السويسريين، عشرة بالمائة من المغرب العربي والبقية من مائة دولة.
ويوجد في سويسرا أربعة مساجد ذات بمآذن تقع في جنيف وزيورخ وفنتور وونغن، ويجري حاليا الاستعداد لبناء مئذنة خامسة في مدينة لانغنتال في الشمال، لكنها تلقى معارضة شديدة.
وبخلاف القضايا ذات الصلة بالهوية والرموز الإسلامية، فإن قضية المئذنة لم تثر ردود فعل غاضبة ضد المصالح السويسرية، على غرار ما حدث مع الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد في الدانمارك، بل اتسمت المعالجة العامة بالموضوعية والنقاشات ووضعت القضية في حجمها الطبيعي.
وبحسب توقعات الاذاعة والتلفزيون السويسريين (اس اس ار) التي جرى بثها بعد ساعة على اقفال صناديق الاستفتاء ظهرا (11,00 تغ)، فان 59% من الاصوات تؤيد منع بناء الماذن في سويسرا.
واستجابت الغالبية في كانتونات سويسرا ال26 لدعوة اليمين الشعبوي الى تعديل المادة الدستورية المتعلقة بالحرية الدينية من اجل منع بناء الماذن.
ووصف معلقو التلفزيون هذه النتائج الاولية بانها تشكل "مفاجأة كبرى" لتناقضها مع استطلاعات الراي التي اشارت الى ان 53% من الاصوات سيرفض اقتراح اليمين.
وبذلك يكون اليمين الشعبوي السويسري قد نجح في اقناع السويسريين بان المآذن تشكل "رمزا ظاهرا لمطالبة سياسية دينية بالسلطة تناقض الحقوق الاساسية".
وبعد اعلانات تدعو الى ابعاد "النعاج السوداء" اي الاجانب خارج سويسرا، اثارت دعاية اليمين الشعبوي فضيحة جديدة حول اعلانات تصور امرأة محجبة تماما امام علم سويسري مغطى بمآذن على شكل صواريخ.
ونددت اللجنة الفدرالية لمكافحة العنصرية، وهي هيئة عامة استشارية، بهذه الصورة التي "تذكي الكراهية" فيما عبرت لجنة الامم المتحدة لحقوق الانسان عن قلقها من حملة الاعلانات هذه.ودانت الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية وكذلك ممثلو الطائفة اليهودية والاسلامية بالاجماع المشروع.لكن انصار الحظر لم يتراجعوا وكرروا ان الامر لا يعني حرمان المسلمين من اماكن العبادة بل رفض "رمز ظاهر لمطالبة سياسية دينية بالسلطة".
وتعد سويسرا بحسب الاحصاءات الحكومية الاخيرة نحو اربعمئة الف مسلم بينهم 50 الف ملتزم بالشعائر الدينية، من اصل تعداد سكاني يبلغ 7,5 مليون نسمة، مما يجعل الاسلام الدين الثاني بعد المسيحية في البلاد. وقد بنيت اربع مآذن حتى الان في سويسرا.
تحذير من مقاطعة تكلّف المليارات إن مُنع بناء المآذن
من جانبها حذّرت تجمعات الأعمال السويسرية من احتمال تعرض مصالح البلاد الاقتصادية للخطر وخسارة مليارات الدولارات، إن أسفر الاستفتاء المقرر في 29 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي حول بناء المآذن عن فوز التيار الداعي لحظرها. بحسب سي ان ان.
وقال جيرالد بورر، رئيس رابطة الشركات السويسرية، إن البضائع السويسرية قد تتعرض لمقاطعة واسعة في الدول العربية والإسلامية، كما قد تتراجع الحركة السياحية والنشاطات المصرفية التي يقوم بها أثرياء المنطقة.
وأضاف بورر، إن الاستفتاء المقترح يهدد "قدرة الاقتصاد السويسري على المنافسة، كما يضر بصورة البلاد المعروفة بتسامحها وانفتاحها."
ولفت بورر، إلى أن الاقتصاد السويسري، وخاصة قطاعات الصناعة والسياحة والمصارف ستكون مهددة إن فاز دعاة حظر المآذن، مضيفاً أن التصدير إلى الدول التي تتواجد فيها غالبية مسلمة "يشكل جزءاً مهماً من الصادرات الإجمالية السويسرية."
وتابع بورر بالقول: "البضائع السويسرية المتوجهة إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب شرق آسيا تبلغ قيمتها أكثر من 14.7 مليار دولار، كما أن المقاطعة - إن حصلت - ستضر بشركات تصنيع الأغذية والأدوية والساعات،" وفقاً لموقع swissinfo التابع لهيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية.
يذكر أن حملات واسعة لمقاطعة المنتجات من دول أثيرت فيها قضايا متعلقة بالمسلمين كانت قد أدت إلى خسائر بمليارات الدولارات، وخاصة بما يتعلق بالمنتجات الدنمركية بعد أزمة الرسوم التي اعتبرت مسيئة للنبي، وكذلك البضائع الهولندية بعد فيلم "فتنة" الذي أعده النائب اليميني غيرت فيلدرز، الداعي حالياً لفرض ضريبة على الحجاب.
نظرة على المسلمين ومآذنهم في سويسرا
ويبلغ عدد المسلمين في سويسرا حوالي أربعمائة ألف، حوالي خمسين بالمائة منهم من دول البلقان، عشرون بالمائة من تركيا، خمسة عشر بالمائة من السويسريين، عشرة بالمائة من المغرب العربي والبقية من مائة دولة.
ويوجد في سويسرا أربعة مساجد ذات بمآذن تقع في جنيف وزيورخ وفنتور وونغن، ويجري حاليا الاستعداد لبناء مئذنة خامسة في مدينة لانغنتال في الشمال، لكنها تلقى معارضة شديدة.
وبخلاف القضايا ذات الصلة بالهوية والرموز الإسلامية، فإن قضية المئذنة لم تثر ردود فعل غاضبة ضد المصالح السويسرية، على غرار ما حدث مع الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد في الدانمارك، بل اتسمت المعالجة العامة بالموضوعية والنقاشات ووضعت القضية في حجمها الطبيعي.
وبحسب الصحفي في الأمم المتحدة تامر أبو العينين فأن ذلك يرجع إلى أن المبادرة لم تكن بقرار رسمي وقد لقيت معارضة شديدة من الحكومة التي تتخوف من تأثيرها على التعايش السلمي وعلى الاتفاقيات الدولية التي وقعتها سويسرا مع المنظمات الدولية.
كما عارضتها معظم الأحزاب السياسية واتحاد رجال الأعمال، واتحاد الشركات، اضافة الى معارضة من يسمون بمندوبي الإندماج باعتبارها تنتهك الحريات العامة وحقوق الإنسان.
وتشير التوقعات إلى أن الناخبين سيرفضون حظر المآذن، لكن الجدل الذي ساد مؤخرا حول هذه المسألة لن يمضي بهدوء بل سيترك توترا ضمن الجاليات الاسلامية، التي كما يقول كثيرون أن وجودها في الغرب عموما قد يكون أصبح محلّ رهان بين تيارات عنصرية متطرفة مناهضة لكل ما هو أجنبي، والإسلام من بينها، وبين أطراف أخرى تحرص على التمسك بأسس الديمقراطية والحرية التي قامت عليها الحضارة الغربية الحديثة.