=-=-=-=-=-=-
ولد جورج واشنطن كارفر عبدا في مزرعة من ميسوري حاولي عام ألف وثمانمائة وأربعة وستين، وذلك أثناء اشتعال الحرب الأهلية.
عمد باسم جورج، وقد درجت العادة حينها، منح كنية المالك الأبيض للعبد وهو كارفر.
هذا ما يفسر اسمي جورج وكارفر، ولكن ماذا عن واشنطن؟
اكتسب اسمه الثاني بعد عدة سنوات، حين أصبح مراهقا، حين أضيف حرف الواو إلى اسمه لتمييزه عن شخص آخر يحمل اسم جورج كارفر، وهكذا أصبح اسمه النهائي جورج واشنطن كارفر.
عانى جورج من المرض في الصغر، وعند موت أمه أخذته عائلة كارفر لينمو في بيتها.
لم أتمتع بالقوة اللازمة لمساعدة السيد كارفر في الحقول، فبقيت حول المنزل لخدمة السيدة زوجته. فتعلمت منها غزل الصوف، ودبغ الجلود، وتمليح اللحوم، وصنع الشموع والصابون، والبحث عن الجذور لصنع الأدوية.
سرعان ما تعلم وظائفه، وكان فضوليا في كل شيء.
يبدو أن البقاء في البيت يعلم أشياء كثيرة.
قلة من الأطفال في تلك الفترة كانوا يتقنون هذه الأعمال، وخصوصا أبناء العبيد أمثاله.
بدأ جورج في تلك السنوات المبكرة يطور طبيعته الإبداعية، خصوصا في مجال النباتات، فرغم أشغاله الكثيرة، كان يجد بعض الوقت لنفسه، وكانت الغابة مكانه المفضل لتمضية هذه الأوقات.
أمضيت ساعات طويلة في الغابة بمفردي، أراقب الحيوانات والنباتات، وأدرس عاداتها واحتياجاتها، تعلمت الكثير عنها، وأستمتع برسمها.
جهز كارفر حديقة له في الغابة، وعندما كبر أصبح كثير المعارف بالنباتات وسبل العناية بها، حتى أطلق عليه السكان المحليين لقب طبيب النباتات، فجاءوا إليه بنباتاتهم لشفائها.
كان هذا تحضير هام لشخص عمل مع النباتات طوال حياته. تحول كارفر إلى دارس ملهم للطبيعة، فعمل منذ الصغر على تعلم كل ما أمكن.
ولكن التمييز العنصري السائد حال دون تحصيله العلمي. حين بلغ الحادية عشر من عمره سمع بمدرسة خاصة بالسود في بلدة مجاورة، فقرر الذهاب إليها.
تعلمت في البيت بعضا من القراءة والكتابة، ولكني أردت تعلم المزيد، أردت تعلم كل شيء. كنت مصرا على الذهاب إلى المدرسة.
أدرك أن ذهابه إلى المدرسة يعني مغادرة البيت الوحيد الذي كان يعرف، ولكنه أصر على تحقيق الحلم. فذهب إلى المدرسة.
يبدو أنه جاد بتلقي التعليم.
حالفني الحظ باستقبالي من قبل عائلة من السود، كانت متدينة جدا، تؤمن بالتعليم، وتحتاج إلى خادم في المنزل.
كانت ربة المنزل ممرضة مدربة علمت كارفر الكثير، بما في ذلك استعمال النباتات في العلاج.
يبدو أنه بدأ يحصل على تعليم جدي.
هذا في المنزل فقط، ترى ماذا فعل في المدرسة؟
تعلمت الكثير في المدرسة، استوعبت كل ما استطاعوا تعليمه. ولكني سرعان ما تعلمت كل ما لدى المدرسين هناك، فقررت المتابعة.
عاد كارفر إلى سعيه من جديد، فتخلى عن الدفء والسلامة المنزليين لتحقيق حلمه في التعلم. وقد ابتعد هذه المرة متجها إلى كنساس، حيث توفرت مدارس من المزج العرقي.
لم تتوفر المدارس التي تلزمني في كل المدن، وقد علمتني بعض المدارس ما كنت أعرفه، لهذا انتقلت من مدينة إلى أخرى، ومن مدرسة إلى أخرى.
غطى كارفر مصاريفه بالعمل خادما في المنازل أو المزارع لمتابعة دراسته.
أعتقد أن ما تعلمه من خدمة المنازل كان مجديا.
حين أصبح في العشرين من عمره تقدم للدراسة في كلية هايلاند في كنساس، فتم قبوله.
وصلت إلى هايلند في \أيلول سبتمبر من عام ألف وثمانمائة وخمسة وثمانون، متحمسا لدخول الكلية وتعلم كل ما استطعت.
ولكن كارفر أصيب بخيبة أمل عميقة.
نظر إليّ مدير الكلية بازدراء قائلا، هناك خطأ كبير، كلية هايلاند لا تقبل العبيد، وقد صرفت من هناك.
هذا رهيب جدا.
خصوصا بالنسبة له، ولكني اعتقد أنه لم يستسلم.
انهارت معنوياته، وتخلى لبضع سنوات عن سعيه للتعلم، فعاش حياة الطلائع في مروج كنساس. حتى عاوده التعطش للعلم مرة أخرى بعد مرور الوقت، فتمكن من متابعة تعليمه حين وجد نفسه طالبا في كلية سيمبسون أيوا. ولم يتم طرده هذه المرة.
كان كارفر ثاني تلميذ أسود في تاريح سيمبسون، وسرعان ما تقبله البعض ونجح في حياته الدراسية.
كارفر اردت أن أصبح رساما، وقالت أستاذة الفنون أني أتمتع بالموهبة اللازمة، ولكنها قالت أنه لا يمكن لفنان أسود كسب العيش في أمريكا من فنه، لهذا لم تشجعني على متابعة دراسة الفنون.
ولكنها شجعته على محبته للنباتات. واقترحت عليه الذهاب إلى كلية الفنون الزراعية والآلية في ولاية أيوا. فتخلى عن حبه للرسم وقرر الالتحاق بها.
كان كارفر أول طالب أسود في ولاية أيوا حيث اشتهر وأدهش المدرسين، وعند تخرجه بين أفضل الكلبة، حصل على وظيفة مساعد نباتات في دفيئة الكلية، ليصبح بهذا أول طالب أسود في ولاية أيوا أول موظف في كليتها، ما شكل منعطف حقيقي بالنسبة لكارفر.
بدأ كارفر في تلك الفترة يبني فلسفة حققت له الشهرة.
بدأت أعتقد أن هناك عددا من النباتات المفيدة التي لا يعرف أحد عنها شيئا. وكأنها بانتظار شخص ما يكشف عن فوائدها الدفينة.
هذه طريقة فريدة للتعامل مع النباتات.
رغم انشغاله بالإشراف على الدفيئة وإعداد الماجستير، وصلته رسالة غيرت حياته من جديد. هي رسالة من أمريكي أسود كان شهيرا حينها.
ولد بوكر تي واشنطن في فرجينيا، وكان ابن عبد كحال كارفر، كما تشوق للتعلم كما كان حاله باحثا عن المدارس والكليات المناسبة.
آمن واشنطن بالتعليم بشدة، وبأن العبيد الأمريكيين قادرين على كسب العيش في أمريكا بتعلم المهارات العملية. حتى أصبح بعد الكلية أساتذا.
عام ألف وثمانمائة وواحد وثمانون، افتتحت كلية جديدة للسود في توسكيجي ألباما، وقد اختير واشنطن لإدارتها.
كان معهد توسكيجي فقيرا عند وصوله، ليس فيه إلا بعض المباني المستنزفة، بدون أدوات، وأموال محدودة جدا.
ولكن بوكر تي واشنطن كان حالما، وما كان ليسمح لقلة المال والمعدات أن تقف في طريقه.
أخذت توسكيجي تعكس حلم واشنطن، إذ كانت تهدف إلى تدريب الأساتذة للتوجه إلى مجتمعات السود وتعليم الناس سبل كسب العيش وإعالة أنفسهم؟
انطلقت توسكيجي من بدايتها المتواضعة إلى نمو مدهش، وبعد خمسة عشر عاما على تأسيسها وضعت الخطط لبناء دائرة زراعية. سعيا من واشنطن للعثور على الشخص المناسب لإدارة هذا القسم الجديد، تعرف إلى عالم أسود لامع في ولاية أيوا.
كتب واشنطن إلى كارفر في الأول من نيسان أبريل من عام ألف وثمانمائة وستة وتسعين، دون أن تكون كذبة نيسان إذ قال لن أعرض عليك المال أو المنصب أو الشهرة، كل ما أقدمه هو العمل، بل أعرض العمل الشاق جدا. إنها مهمة رفع الناس من الانحطاط والفقر والضياع، إلى مرتبة الإنسانية، وقد شكلت الرسالة منعطفا آخر في حياة كارفر.
كان شخصا يؤمن بأهمية التعليم، ومساعدة السكان السود، مثلي تماما، كما وجدت مكانا، أساعد فيه الآخرين، كما تلقيت المساعدة.
وهكذا رحل كارفر مرة أخرى من أجل التعليم. فعبر ثمانمائة ميل إلى توسكيجي ألاباما حيث أصبح البروفيسور كارفر، مديرا وأستاذا للزراعة العلمية وعلوم الحليب.
كان هذا رائعا، ولكن حين وصلت إلى توسكيجي، شعرت بالإحباط، لم أجد شيئا أعمل به، لا مختبر، ولا معدات، لا شيء.
لا شيء إلا ثلاثة عشر تلميذ لا يرون في ملابسه الفقيرة ملامح الأستاذ. وقد جاءوا إلى الكلية هربا من صعوبة العمل في الحقول.
انس كل التجارب والأبحاث، أول ما يجب القيام به هو بناء المختبر، إلى جانب تشجيع الطلبة. وهكذا أخذتهم إلى نفايات المدرسة.
النفايات؟
لا شك أنه مكان مشجع.
جمعنا الزجاجات القديمة، المقالي الصدئة، وأغطية المستوعبات، ومقابض الأقدار وبعض الأسلاك والمعادن الأخرى.
لا شك أن الطلبة اعتبروه مجنونا.
لم يعرف الطلاب ما أسعى غليه، ولكنهم تعاونوا معي.
خرجنا من مكب نفايات المدرسة إلى مكب المدينة، فجمعنا بعض المطاط والمصابيح القديمة والغلايات والمستوعبات الصينية.
وكأنه من الزبالين.
يبحث في نفايات تافهة.
ما أدهش الطلبة هو أن كارفر قد بدأ باستعمال هذه النفايات التافهة التي جمعت لتجهيز بدايات مختبر توسكيجي الزراعي. حول زجاجات الحبر إلى مصابيح بنزن، وفناجين الشاي الثقيلة والأعقاب وعصي الستائر إلى مدقات ويد الهاون.
لا شك أنه مبدع.
عند انتهائه من العمل، أصبح المختبر جاهزا، كما أدرك الطلبة أن لديهم أستاذ مميز لا بد منه لإعدادهم لمواجهة قسوة الواقع الأمريكي خارج المدرسة.
أردت أن يرى الطالب بالأمثلة أنه مهما بلغت الظروف من صعوبة، نستطيع النجاح في تجاوزها عبر المخيلة الخصبة والعمل الشاق.
سرعان ما أدرك الطلبة بأن كارفر يحب النهوض يوميا مع بزوغ الفجر، للتنزه بضع ساعات في الغابة، يتأمل الطبيعة ويجمع نماذج من الحيوانات والنباتات.
سرعان ما أثبت الطلبة خصوبة مخيلتهم، فأحبوا لعبة الإيقاع بالأستاذ، وجاءوا إلي بأنواع غريبة من النباتات والحيوانات لاختبار معرفتي بها.
بعد فشلهم في الإيقاع بالأستاذ، جمع الطلبة كائن خاص.
كائن خاص؟
وضعوا جسم الخنفساء مع قوائم العنكبوت ورأس نملة هائلة، ثم سألوه، أي نوع من الحشرات هذه أستاذ؟
كنت أعرف أنها مزيفة، ولكني أجبت، هذا ما نسميه بالمحتال.
أي أنه كان هزلي أيضا.
لا أظن.
حين جاء وقت الزرع، توقع الطلبة أن يزرع القطن في حقل توسكيجي، وهو الزرع الوحيد الذي يعرفون.
كنت اعرف أن استعمال الحقل عدة سنوات في زراعة القطن، يستنزف الحقل من عنصر النيتروجين الغذائي، عند استنفاذ النتروجين يصبح إنتاج محصول جيد من القطن أشبه بالمستحيل.
ما الذي زرعه؟
تنبهت إلى أن هناك نباتات تأخذ النتروجين من الهواء ثم تعيده إلى التربة، وعلينا أن نعرف أين من هذه النباتات يمكن أن تنمو هنا.
لا أرى أي مشكلة.
إن كان هناك أحد قادر على حلها فهو كارفر.
وجدت ثلاثة نباتات تزدهر في مزرع المدرسة التجريبية، هي الفاصولياء، وحبوب الصويا، والفستق. فهي تعيد الغذاء إلى الأرض، ولكن هناك مشكلة أخرى. اعتبر الطلبة كغيرهم أنها نباتات دون جدوى،ولا تستحق زرعها كمحاصيل.
فقررت القيام باختراع بسيط لمفاجأة الطلبة، دعوتهم لتناول عشاء شهي، أعد من الخبز والبطاطا واللحم.
هل هناك شيء لا أفهمه؟
عندما شبع الجميع، أبلغتهم أن كل ما أكلوه مصنوع من الفاصولياء المهروسة.
هذا اختراع هام.
كان التوصل إلى أشياء قيمة من أخرى عديمة الجدوى، من أبرز مواهب كارفر، هنا تكمن عبقرية في الاختراع.
رغم عمله في أنواع مختلفة من النباتات، إلا أنه ترك أثرا واضحا في زراعة الفستق.
وصل الفستق إلى أمريكا مع تجارة العبيد، ولكنه لم يعتبر محصولا يجلب الأرباح.
لم يتعامل أحد من الفستق جديا. يحتفظ المزارعون ببعض النباتات لإعداد الحلوى للصغار، ولكني تعلمت شيئا عن الفستق، وهو أنه يغذي التربة، كما هو حال الفاصولياء وحبوب الصويا. كما تنبهت إلى مسألة أخرى تتعلق بها، وهي أنها غنية بالبروتين.
ما اكتشفه كارفر هو محصول يفيد المزارع الجنوبي بطريقتين، إطعام الفقراء العاجزين عن الحصول على اللحم كمصدر بروتين، وتحسين التربة لزراعة مزيد من المحاصيل.
هل أفهم من هذا أن كارفر لم يخترع الفستق؟
الفستق من صنع الطبيعة، وقد بحثت عن طريقة لاستعماله بحكمة.
تكمن المشكلة بالفائض في المؤن، يمكن للمزارع اعتباره محصولا، ولكن استعمالاته كانت محدودة جدا.
هذا منطقي، كم حبة فستق يمكن أن تأكل؟
بدأت إجراء التجارب على الفستق. أدركت أني إذا توصلت إلى سبل استعمال الفستق، سيصبح هاما للزراعة كمحصول.
أطلق كارفر على هذه التجارب لقب كيمياء موقد الطبخ.
لنرى، صنعت الحبر والقهوة والدقيق وزبدة الفستق والصباغ والبلاستيك والزيوت الطبية ومواد التجميل، حتى توصلت إلى نوع من حليب الفستق.
ثم صنع من الغلاف الداخلي الأحمر نوعا من أوراق الكتابة، ومن الغلاف الخارجي، صنع سمادا يغذي التربة ويطريها، ولوح عازل أشبه بما ينتج حديثا، وكتل وقود كالتي تستعمل في المواقد الخارجية.
سرعان ما توصلت إلى ما يزيد عن ثلاثمائة سلعة تستخرج من الفستق، مع لائحة طويلة من وصفات الأطعمة التي تعد منه.
ثلاثمائة سلعة تستخرج من الفستق؟
لا شك أنه وجدا سبلا لتروج الفستق.
الأهم من هذا هو أنه عثر على طريقة تجعل الحقول المنهكة عبر سنوات طويلة من زراعة القطن، بمجرد زراعة أنواع أخرى من المحاصيل عاما بعد عام.
كما اكتشف كارفر سبلا أخرى لإغناء التربة إلى جانب مداولة المحاصيل.
النفايات والبقايا وأوراق الشجر، كل النفايات العضوية القابلة للتحلل وتغذية التربة التي كانت متعطشة للتغذية.
كان الفقراء من المزارعين يتلفون الأشياء التي تزيد من إنتاجية التربة دون أي كلفة.
وهكذا أطلق كارفر طلابه لجلب نفايات من نوع آخر، وخصوصا منها البقايا العضوية التي جمعت وأخضعت للتجارب في حقل كلية توسكيجي. كانت النتائج حاسمة ومباشرة. خضار أكبر، ومحاصيل أوفر، وتربة أغنى.
إنه مدهش فعلا.
فعلا حل مشكلتين في آن معا.
توصلت عبر أبحاثي إلى محاصيل أخرى تتناسب جدا مع تربة ألاباما، كالبطاطا الحلوة.
أثبت كارفر للمزارعين أن البطاطا الحلوة تنمو بكميات في حقولهم، ولكن سرعان ما اتضح أنهم يستطيعون جمع كميات من البطاطا تفوق بكثير ما يمكن استهلاكه وبيعه.
إنها نفس المشكلة التي رافقت الفستق.
لهذا عدت إلى موقد المطبخ الكيميائي، حاولت هذه المرة البحث عن سبل أخرى لاستعمال البطاطا الحلوة.
أعتقد أن أحدا لم يحذره من اللعب بالطعام.
عند انتهائه من العمل، توصل إلى مائة وثمانية عشر سلعة تصنع من البطاطا الحلوة.
مائة وثمانية عشر، كلها من البطاطا الحلوة؟
سوف نرى، توصلت إلى الدقيق، والخل، والدبس والمطاط، وصمغ لطوابع البريد، لا حدود لما يمكن التوصل إليه عندما تبدأ بالاختراع، تكمن الفكرة في تحويل الأشياء، وتغير شيء ما إلى شيء آخر.
والحقيقة هي أن كرافر اعتبر أن المزارع تحتوي على موارد لا تقدر بثمن، فيما أكوام من المواد التي يمكن التوصل منها إلى كل ما نحتاج إليه.
إنها فكرة رائعة.
قام كارفر بما يتعدى الاكتشافات وتعليم الطلبة. لقد أدرك أهمية الترويج لأهمية هذه المحاصيل وتحسين أداء المزارع. وقد أدرك من هم أكثر المستفيدين من هذه المعلومات فقراء المزارعين في الجنوب.
نشرت كتيبات تربوية تتحدث عن هذه الأفكار الجديدة. كما سافرت من مزرعة إلى أخرى، لإرشاد العائلات، والتحدث عن سبل تحسين مستويات الحياة بتغيير أدائهم.
أعماله الخاصة بالفستق والبطاطا الحلوة هي بعض من نماذج عبقرية كارفر، وقدراته المدهشة في تحويل شيء إلى آخر، حتى توصل في إحدى نزهاته إلى أحد الاحتمالات الهامة الأخرى.
لاحظت أن بعض الطين في تربة ألاباما بارزة الألوان. تبين بعد التجربة أني أستطيع صنع بعض اللوحات الملونة من هذا الطين. كما أن صنعها لن يكلف شيئا.
يمكن القول أنه وحل رخيص.
طريف جدا.
توصل كرافر إلى الصباغ بالمئات التي أعدها من الجذور والأعواد والفاكهة ونباتات متنوعة، وقد حصل على ثلاثمائة ترخيص اختراع كلها في عمليات الصبغ.
لا شك أنه جمع ثروة من هذه الاختراعات.
لم تحول غالبية اختراعاته إلى نجاحات تجارية، بل كانت ترمز إلى ضرورة عدم قبول القيم على حالها، وأنه عبر تجانس الإبداع والمعارف العلمية، يمكن التوصل إلى حلول لجميع المشاكل اليومية.
استمتع كارفر بالشهرة التي بلغها، ولم يكترث جدا بالمال، حتى أنه حين عرض عليه العمل لدى توماس إديسون، مقابل مائة ألف دولار في العام الواحد، كانت ثروة في تلك الفترة، رفض كارفر هذا العرض.
المهم بالنسبة لي هو أن أكون مفيدا، وأساعد الناس، والرحيل عن هذه الأرض، وهي مكان أفضل مما وجدتها.
أعتقد أنه توصل إلى هذا.
أصبح كارفر شهيرا، وليس غنيا، وحاز على احترام وتقدير شخصيات عديدة، من رؤساء ورجال أعمال ومرفهين، وزعماء أجانب. لقد تحول إلى رمز لقدرات المواطنين السود في مختلف أنحاء العالم.
يعتبر كارفر إنسان شغوف متفهم، شخصية مبدعة بعقلية علمية راقية.
تكمن عبقريته كمخترع في التوصل إلى شيء من لا شيء، وتحويل نباتات تبدو عديمة الأهمية، والتربة التي تنمو فيها، إلى منتجات ينتفع بها من هم بأمس الحاجة إليها. كما أن مشاطرة اختراعاته مع الآخرين، خلق ميراثا ونموذجا لجميع العصور.